درس اضطرابات الجهاز المناعتي و تحاقن الدم للسنة الثالثة إعدادي

لعلك لاحظت أن جهاز المناعة في الإنسان معقد في تركيبه وآليات عمله. وقد يحدث فيه كغيره من الأجهزة خلل بتأثير عوامل خارجية أو داخلية، وتعرف حالات الخلل هذه باضطرابات الجهاز المناعتي، ومن بين هذه الاضطرابات:

الأرجية: : وهي رد فعل مفرط تجاه بعض المواد غير الضارة عادة، ولكن لها تأثير على الجسم مثل مواد التجميل، وحبوب اللقاح، وبعض الأغذية، وبعض الأدوية، ولدغ الحشرات، وغبار المنازل، وزغب الحيوانات.

عندما تتعرض لمسببات الحساسية (الأرجية) فإن الجهاز المناعتي يُكون مضادات أجسام نوعية IgE التي تثبت على كريات بيضاء تسمى الخلايا البدينة المحسسة، مما يؤدي إلى تفريغ مادة الهيستامين التي تسبب النوبة الأرجية كالربو، والعطس، وأكزيما، واحمرار الأنسجة وتورمها، وسيلان الأنف.

وتستعمل لعلاج هذه الحالات مضادات الهيستامين، أما بعض حالات الحساسية الحادة فتعالج بحقن كميات قليلة من مسبب المرض للشخص عدة مرات، مما يجعل جسمه أقل تحسس للمادة المسببة للتحسس.

الأمراض الجنسية: : وهي الأمراض التي تنتقل من شخص إلى آخر عن طريق الإتصال الجنسي غالبا، وتنتج هذه الأمراض بسبب البكتيريا أو الفيروسات.

ومن الأمراض التي تسببها البكتيريا السيلان والسيفيليس. وتستعمل المضادات الحيوية لعلاج هذه الأمراض، وإذا لم يعالج الشخص المصاب بمرض السيلان فقد يصاب بالعقم بسبب تدمير الأعضاء التناسلية، أما المصاب بمرض السيفيليس فإن البكتيريا تهاجم الأوعية الدموية والجهاز العصبي، مما يؤدي إلى تدمير أعضاء الجسم التي لا يمكن تعويضها.

كما قد يصاب جهاز المناعة بمرض السيدا(الإيدز) وهو مرض قاتل لا شفاء منه، حيث يهاجم الفيروس VIH، المعروف بفيروس نقص المناعة المكتسبة، خلايا الدم البيضاء وخصوصا اللمفاويات T₄ التي تعد الركيزة الأساسية لجهاز المناعة، حيث يتضاعف داخلها، فتنفجر لتخرج فيروسات جديدة تهاجم خلايا أخرى، فيصبح الجسم عرضة للعديد من الأمراض الإنتهازية. وقد يبقى المرض كامناً ومتخفي عدة سنوات لا يظهر على حامل المرض أية أعراض ولكنه يكون ناقلاً للمرض، ثم تظهر أعراض مرض الإيدز تقريبا بعد مرور 11 سنة، مثل الإسهال المزمن، وانتشار الأورام السرطانية، والسعال والسل وفقدان الوزن مما يؤدي به إلى الموت، لأنه لا يوجد علاج لهذا المرض حتى الآن، إلا أن هناك أدوية تساعد على التخفيف من آلام المرض.

يصاب الشخص بفيروس السيدا خلال الاتصال الجنسي، أو عند استخدام أدوات حادة ملوثة بهذا الفيروس. أما احتمال نقله خلال عمليات تحاقن الدم فنادر، وذلك لأن الدم المتبرع به يتم فحصه.

يرث الفرد واحد من فصائل الدم الأربعة عن والديه، وهي A و B و AB وO ، وتحتوي فصائل الدم A و B و AB على مواد كيميائية تسمى مولد اللكد (مولد المضاد) على غشائها السيتوبلازمي، أما فصيلة الدم O فلا تحتوي عليها.

كذلك تحتوي فصائل الدم الأربع على مضادات الأجسام (اللكدين) في البلازما (المصل) وهي عبارة عن بروتينات تحلل المواد الغريبة عن الجسم، ونتيجة لوجود هذه الأجسام المضادة لا يمكن مزج بعض فصائل الدم المختلفة.

فإذا اختلطت فصيلة الدم A مع فصيلة الدم B مثلاً عند عملية تحاقن الدم، فإن الأجسام المضادة في A تهاجم خلايا الدم B، لأنها غريبة عنها، مما يؤدي إلى تجمع وتلكد كريات الدم الحمراء وتجلطها، والعكس صحيح.

أما فصيلة الدم AB، وهي الفصيلة الأكثر ندرة، فإنها لا تحتوي على مضادات الأجسام، لذا فإن الأشخاص الذين يملكون هذه الفصيلة يستطيعون استقبال الدم من جميع الفصائل، بينما تحتوي فصيلة الدم O، وهي الفصيلة الأكثر شيوعا، على مضادات الأجسام A وB، لذا لا يستطيع شخص فصيلة دمه O استقبال دم إلا من فصيلته.

بالرغم من مراعاة الفصائل الدموية الأربعة، ظهرت بعض الحوادث خلال عمليات تحقين الدم، مما أدى إلى اكتشاف عامل الريزوس Rh، وهي أجسام خاصة توجد على سطح كريات الدم الحمراء تأخذ بعين الاعتبار أثناء عمليات نقل الدم. علماً أن 85% من البشر يحتوي دمهم على هذا العامل ويطلق عليهم ⁺Rh، أما الآخرين الذين لا يحتوي دمهم عليه يطلق عليهم Rh ^-، وبناء على ذلك فإن فصائل الدم يطلق عليها في هذه الحالة (⁺A) و (^-A) و (⁺B) و(^-B) وهكذا.

وهذا الأمر مهم للغاية في عمليات تحاقن الدم في حالات الحروب والحوادث الطرقية والعمليات الجراحية. ويكون الأمر أكثر تعقيداً عند زواج امرأة فصيلة دمها (^-Rh) برجل فصيلة دمه (⁺Rh) حيث يؤدي ذلك إلى تهديد حياة الجنين واحتمال موته، وهذا ما يبرر ضرورة إجراء تحليل للدم للزوجين قبل الزواج لتفادي هذا الأمر.

تبين لك مما سبق أن الدم لا يقوم بوظيفة نقل مواد القيت والغازات التنفسية فقط، بل إن خلاياه البيضاء تعد وسائل دفاعية للجسم ضد العدوى بالأمراض، كما أن الدم من المواد التي لا يمكن صنعها مختبريا لأنه يتكون من خلايا حية، وقد يحتاج الأشخاص الذين تجرى لهم عمليات جراحية أو أولئك الذين يتعرضون إلى حوادث السير والعمل، والمدنيين والجرحى في أثناء الحروب والكوارث الطبيعية، إلى نقل الدم إليهم لإنقاذ أرواحهم.

على هذا الأساس فإن التبرع بالدم لا يعتبر عملاً إنسانياً وأخلاقياً فقط، بل هو واجب وطني لمساعدة إخواننا وأبناء وطننا العزيز عند الشدائد والمحن.